كتاب السيد جمال بلعيد: » الفلاحة في الجزائر. أو كيفية إطعام 45 مليون شخص في أوقات الأزمات« .
« الفلاحة في الجزائر أو كيفية إطعام 45 مليون شخص في أوقات الأزمات ». (مقتطفات من الكلمة التي كتبها البروفيسور جان لويس راستوان Jean-Louis Rastoin من الأكاديمية الفرنسية للفلاحة).
يقدم لنا جمال بلعيد كتابا لتبادل المعرفة حول الفلاحة الجزائرية المعاصرة من خلال نهج مزدوج بين: صرامة الشخصيات و تنوير الجهات الفاعلة.
هذا التحليل مفيد للغاية للفهم و دعم القرار لأنه يستخدم مفهوم النظام الغذائي، هذا المفهوم الذي صاغه البروفيسور لويس مالاسيس Louis Malassis في1990، يجعل من الممكن تحديد الترابط بين الفلاحة في قلب النظام و شركائها في المنبع (الإمداد الزراعي) و المصب (تجهيز المواد الخام الزراعية بواسطة الحرف اليدوية و صناعة الأغذية الزراعية، و قنوات توزيع المنتجات و الإستهلاك و مؤسساتها العامة و الخاصة)، مما يؤدي إلى إعتبار « أنه لا يوجد تفسير فلاحي لتطوير الفلاحة » على حد تعبيره.
السرد التثقيفي
الملاحظة الإحصائية التي تؤكدها رواية حوالي ثلاثين سياسيا و رائد أعمال و باحثا: الجزائر الآن قادرة على إطعام سكانها البالغ عددهم 43 مليون نسمة بسعر مرتفع من الإعتماد الخارجي القوي (70% من السعرات الحرارية الغذائية المستهلكة مستوردة) و مشاكل الكمية (عدم المساواة بين المواطنين) و النوعية (الأمراض المزمنة ذات الأصل الغذائي).
تمكنت الجزائر حاليا من إطعام سكانها البالغ عددهم 43 مليون نسمة بتكلفة عالية من الإعتماد الخارجي القوي.
لذلك يمكننا أن نتحدث عن حالة من إنعدام الأمن الغذائي ومن هنا جاءت ملاحظة نيكولاس بافيريزNicolas Baverez, التي تناولها جمال بلعيد « الجزائر في حالة تأجيل » في الواقع إن إنخفاض أسعار النفط في العقد 2010 يجعل من الصعب أكثر فأكثر دفع فاتورة غذائية ثقيلة في الأسواق الدولية (أكثر من 8 مليارات دولار أمريكي في عام 2019) و الإصلاحات المتعددة لتحسين أداء النظام الغذائي في الجزائر تكافح من أجل إحداث تغيير.
هذا التشخيص الواضح الذي يجادل به المؤلف الذي يحشد أعمالا قوية لأكاديميين جزائريين (بما في ذلك أعمال سليمان بدراني و عبد الحميد بن شريف و عمر بسعود و كلودين شوليه و فؤاد شحات و مدرسين و طلاب المعهد الفلاحي المتوسطي في مونبلييه): الديموغرافيا المتسارعة و السكان الذين يتركزون على الساحل و إعاقة الظروف الجغرافية و الزراعية المناخية ثم عواقب الإستعمار ثم فترة تجميع الأراضي، (المجالات الرئيسية المدارة ذاتيا) بشأن وضع الأراضي، و العجز في سلسلة المعارف (البحث و التطويرو التدريب العلمي و المهني)، و عدم إكتمال تنظيم القطاعات و إخفاقات السوق و السياسات العامة.
صور أيقونية و رسالة تفاؤل
بفضل تقنية البذر المباشر ، حصلوا على غلات أراضيهم أعلى بنسبة 40% من تلك الخاصة بالزراعة « التقليدية«
جمال بلعيد و بحكمة لا يستسلم لصفارات الإنذار من نظريات الإنهيار وعلماء الإنهيار، من خلال صوره الرمزية التي تؤطر الأجزاء ال 9 من كتابه بل ينقل رسالة تفاؤل لنأخذ بعض الأمثلة، عبد اللطيف بن حمادي و محمد عطوات المزارعان في قسنطينة، الذين، بفضل تقنية البذر المباشر، يحصلان على غلات أعلى بنسبة 40% من غلة الزراعة « التقليدية ».
من خلال تطوير السهوب الجزائرية الشاسعة ستضاعف هذه العملية الإنتاج الوطني للحبوب ثلاث مرات، رهنا ببيئة مؤسستية ملائمة، علي زراد يزرع بالقرب من باتنة في البلد الشاوي، أشجار الزيتون الأندلسية التي يبلغ إنتاج الزيت لكل شجرة 3 أضعاف إنتاج الأصناف التقليدية. رشيد إيبرسيين يخترع في منطقة القبائل جبنة « Vacherin de Tamassit ».
في صناعة الأغذية الزراعية نلاحظ المبادرين إلى خصخصة قطاع تديره الدولة بالكامل حتى نهاية 1980: يسعد ربراب أنشأ شركة سيفيتال التي تطور قطاع السكر في عنابة، أسس عبد القادر طيب العزريمي شركة صناعة المواطنة (SIM) في الغرب وعمر بن عمر و أنشأ المجموعة التي تحمل الإسم نفسه لإنتاج الكسكس و المعكرونة في الشرق. رشيد حمموش مروج غراند كروز دو لويست (GCO) يطلق النبيذ الحائز على جوائز في المسابقات الدولية، شركة عبد الحق بوبلنزا التي تقع في تلمسان ، أصبح في غضون سنوات قليلة ثاني مصدر العالم من مسحوق الخروب.
تطوير النظام الغذائي
هؤلاء الرواد و مئات أخرون هم مستقبل نظام غذائي سيتعين عليه أن يتطور بشكل كبير في السنوات القادمة لمواجهة التحدي الهائل المتمثل في ضمان الأمن الغذائي المستدام و المنصف لجميع المواطنين في سياق أزمة متعددة الأطراف ذات طبيعة إجتماعية (والتي يعد الحراك كاشفا عنها) ، و الصحة (الأمراض المزمنة المنقولة بالأغذية، صدمة جائحة كوفيد-19 والأمراض الحيوانية المنشأ)، الإقتصادية (عجز الميزانية والديون المتزايدة) والبيئية (تدهور موارد الأراضي و المياه و تغير المناخ).
الجزائر، التي قال جان لويس غيغو Jean-Louis Guigou، رئيس معهد الآفاق الإقتصادية لعالم البحر الأبيض المتوسط (IPEMED) إن لديها إمكانيات كبيرة للمستقبل، لديها مجالات حيوي و فرصة لتحديد مسار النظم الغذائية الإقليمية و بالتالي تكون مختبراً لبلدان ماري نوستروم la Mare Nostrum. و يعد كتاب جمال بلعيد معلمًا تنويراً في هذا المنظور يستحق أن يستشيره جمهور واسع وأن يعبئه صناع القرار العاملون في النظام الغذائي في الجزائر و كذلك بلدان البحر الأبيض المتوسط.
(*) « الزراعة في الجزائر. أو كيفية إطعام 45 مليون نسمة في أوقات الأزمات » Editions l’Harmattan (باريس)، 256 صفحة، أكتوبر 2021.
لطلب كتاب جمال بلعايد بالنسخة الورقية أو نسخة PDF، انقر هنا: « L’Agriculture en Algérie. Ou comment nourrir 45 millions d’habitants en temps de crise. » « الزراعة في الجزائر أو كيفية إطعام 45 مليون شخص في أوقات الأزمات »